يحي البشري: الرجل الذي صمم أزياء الأميرات
إن فن تصميم الأزياء هو مزيج يجمع بين موهبة الإبداع وتألق الخيال وحدة الذكاء، هي تلك الموهبة التي تحول الخيال إلى واقع، فترسم الخطوط وتعمل على توصيل النقاط ببعدها لتتحقق رؤية التصميم ومن بعدها يحول إلى زي حقيقي ملموس، وكلما زادت مهارة المصمم كلما صار الزي جذابًا وساحرًا.
نُحلق معًا في هذا المقال إلى عالم رُسمت معالمه بعانية فائقة، وصُممت جوانبه بدقة عالية، فبطل الحكاية يختلف عن كل الأبطال الذين عهدنا معرفتهم من قبل، هو فنان سعودي، ومصمم عبقري، بلمسه ساحرة من قلمه يتحول الرسم إلى تصميم، وبلمسه أخرى يترك عالم الخيال ويُجسد أمامنا فيصبح ملموسًا يخطف أنظار كل من يراه، هو المصمم العالمي يحيى البشري.
من هو يحيى البشري؟
هو أحد أبرز المصممين العرب الذين يحظون بشهرة عالمية، وهو مصمم الأزياء الرسمي للأسرة المالكة السعودية. ولد في قرية صغيرة بمدينة أبها في السعودية، وعمل بالصحافة في بداياته ككاتب وناقد صحفي، وبعدها اتجه نحو دراسة الموضة في ميلانو بإيطاليا، ثم في الأكاديمية الأمريكية الفرنسية في باريس، وقدم أول عرض أزياء له في القاهرة. وعام 1990 قدم أول عرض عالمي في باريس.
نجح البشري في تصميم الكثير من الفساتين للنساء والأثواب للرجال على مستوى العالم أجمع مما جعله ضيفًا أساسيًا على بلاط الملوك والأمراء، فقد اشتهر بأسم “بمصمم الملوك” لأنه صمم لمختلف الشخصيات العالمية، من أبرزهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وملك الأردن عبد الله بن الحسين، ومعظم أمراء الخليج، وكذلك ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، ومعظم الفنانين السعوديين، كما صمم لوالتن جونز والعديد من الرياضيين،أما النساء فكانت الأميرة البريطانية الراحلة ديانا أبرز من ارتدت من تصاميمه الراقية، والفنانة الفرنسية إيزابيل ديجاني أيضاً، ومعظم أميرات الخليج والعديد من الفنانات.
يُرجع مصمم الأزياء الشهير يحيى البشري النقلة النوعية التي حدثت له في مساره المهني إلى الليدي ديانا، وتعود قصة تصميم الفستان الشهير الذي ارتدته الليدي ديانا من تصيم البشري إلى عنصري الصدفة والمحاولة.
فستان الليدي ديانا وباب رزقٍ لا ينغلق فما القصة؟
في ثمانينات القرن الماضي وتحديدًا ذات يوم وبينما يجلس مصمم الأزياء يحيى البشري في أحد مقاهي باريس في شارع الشانزليزيه ويقرأ الجريدة، إذ به يقرأ عن انتقادات الصحافة الإيطالية للليدي ديانا التي رفضت ارتداء بعض الأزياء التي قام بتصميمها مصممون إيطاليون، وفي تلك اللحظة نضحت فكرة ما في رأسه.
لم يكن البشري مشهورًا حينها، لكنه رأى بأن الفرص لا تأتي إلا لمن يحاول خلقها بنفسه لنفسه، ففكر بأن يبعث بخطاب إلى السفير البريطاني في المملكة، يطلب فيه أن يصمم زيًا إلى الليدي ديانا، ولكن توجيه خطاب لعائلة ملكية ليس بالأمر السهل فاستعان بخبراء في اللغة والبروتوكول لمساعدته في كتابه خطاب يرقى إلى الليدي ديانا، يستأذنها فيه بإرسال تصميم مرسوم لزي يُصنع خصيصًا لها.
وبعد خمسة عشر يومًا، جاءه الرد بالموافقه، وقد منحته الليدي ديانا مُهلة قدرها شهرين حتى يعود لها بتصميم، لم تسعه الفرحة وظل ساهرًا يفكر في ذلك التصميم، حتى اهتدى لفكرة الزي ذا النقوش التقليدية.
ارسل يحيى البشري تصميمه النهائي إلى الليدي ديانا، لينال إعجابها وتوافق عليه، ليعود بالفستان النهائي ويقوم بتسليمه إلى السفير، ومن هنا توطدت العلاقة بين البشري والقصر الملكي البريطاني، ليتحول من مصمم إلى صديق مرحب به ومصمم دائم للعائلة الملكية.
احدث ارتداء الليدي ديانا زيًا من تصميم يحيى البشري ضجة كبيرة في أوساط الموضة العالمية، فقد انهالت الطلبات من بعد هذا الحدث على المصمم السعودي وفُتحت له أبواب الشهرة والعالمية، كما اُعتبرت نقلة نوعية في مشواره المهني، بعدها تمت دعوته في أسبوع الموضة في باريس، ليصبح أول مصمم أزياء سعودي يشارك في أسبوع الموضة بفرنسا.
يعد يحيى البشري سبب مباشر في رفع صناعة الأزياء السعودية إلى المستوى مرموق، مما سمح لأسم المملكة العربية السعودية بالتألق في عالم الموضة مع مزيج فريد من الملابس السعودية التقليدية ذات السمات الأجنبية، وذلك لأن مصمم الأزياء يحيى البشري قد حرص كل الحرص على تقديم تصميمات وأزياء جديدة في مجتمع سعودي محافظ يفتخر بثقافته وتراثه، ورغم صعوبة المهمة بالنسبة للبشري إلا أنه قد نحج في مزج الموضة العصرية مع الحُلة السعودية المحافظة، فظهر لنا إنتاج يتميز بالأناقة بما يتناسب مع المجتمع السعودي وقيمه.
كذلك حرص يحيى البشري على الإستقرار والبقاء في السعودية وجعل المملكة العربية السعودية السوق المستهدفة الرئيسية في مجال الموضة، وبذلك صار حافظًا للجميل بعكس مصممين آخرين قد فضلوا الإنتقال للعيش في الخارج. من المتوقع أن يتواجد رائد التصميم الشهير يحيى البشري في أسبوع الموضة في الرياض، حيث أنه سيشارك بعرضين أزياء خلال هذا الأسبوع لـ25 قطعة تعبّر عن مجموعة حالمة. كذلك سيكون أسبوع الموضة بمثابة مُلتقى يجمع بين المصممين والعارضين والمشاهير والإعلاميين من مختلف أنحاء العالم.هذا الحدث يهدف إلى تعزيز صناعة الموضة في المملكة وإظهار تنوع وإبداع المواهب السعودية، ويسعى لنشر ثقافة الزي السعودي والتعريف به